Skip to main content

خدي بالك من نفسك يا سحر

أول مقال لي في جريدة شاهد أولا الورقية
خدي بالك من نفسك يا سحر و ما تنسيش تقيسي كمان ساعتين و بلاش يا حبيبتي بيبسي أو كرواسان أو شيبسي لأنهم مش بس حيرفعوا سكرك لكنهم كمان مؤذيين لكل الناس يا حبيبتي - ترن هذه الكلمات في أذني سحر كل يوم و هي تنزل سلالم بيتها في الساعة السادسة و الربع صباحا لتنتظر أتوبيس المدرسة و الذي يأخذها في رحلة طويلة يومية تبلغ الساعة و النصف حتى تصل إلى المدرسة تكون خلالها سحر إما سكرها عالي أو مضبوط أو منخفض و تحس بأحاسيس غريبة تعرفها هي و لا يعرفها الأطفال في سنها و لكنها فهمت و عرفت كيف تتعامل مع كل حالة علي حدى و بفطانة أخذتها من خبرة الأيام مع السكري و من أمها هناء و التي أصيبت منذ 4 سنوات بصدمة شديدة عندما أكتشفت مع والد سحر أن سحر سكرية من النوع الأول و مادت الأرض تحت اقدامهما في ذلك الوقت لولا أن لَطَف الله بهما و وضعهما في طريق العلم و عدم إتباع المألوف و الدارج و الفهم لكيفية الضبط الحقيقي للسكري و ألهمهما الله الصبر على التعلم ثم على التعامل اليومي الحياتي مع سحر بحذر و ذكاء و حزم مشوب بالحب و الحنان. فالطفل السكري سبحان الله فيه شيئ مختلف يجذبك نحوه يحسه الوالدان و يحسه السكريون ، تحس أن عينيه مليئة بالأمل و الشجاعة و حب الحياة و تجده دوما خفيف الدم متحملاً للمسؤولية ، فسحر الطفلة الجميلة البريئة ذات التسع أعوام تجد معها في حقيبتها أشياء أخرى غير التي تجدها مع صاحباتها ، تجد معها جهاز قياس سكر دم و أنسولين سريع و جهاز قياس أسيتون و زجاجة عصير صغيرة تشربها الصغيرة سحر إذا أحست بالهبوط. في أحد المرات أحست سحر بالهبوط فأخرجت الجهاز لتقيس سكر دمها في الفصل فأقتربت منها مدرستها تسألها هل تريدين مساعدة يا سحر فردت بتلقائية لا يا ميس أنا متعودة على كده و عارفة بأعمل إيه ، أشكرك.

سحر لا تتذمر و لا تتأفف بل علمها أبويها أن تشكر الله دوما و أن يكون هدفها أن يكون سكرها طبيعيا ، سحر تعلم أنها و إن أمتنعت عن نوعين أو ثلاثة من الطعام الذي يرفع سكر دمها فهذا ثمن بسيط جدا لحياة صحية سعيدة في المستقبل. في أحد الأيام جاء تفتيش في مدرسة سحر و كان المفتش رجل فاضل مصاب بالسكري و لكنه لا يستطيع أو لا يريد أن يتحكم به و دخل فصل سحر و سأل الطلبة و الطالبات عن حلمهم عن وظيفة المستقبل فمنهم من أجاب طيار - مهندس - ضابط ، و جاء الدور على سحر و أجابت سحر و عيناها تنظر إلي مكان آخر بعيد ، أنا أريد أن أصبح طبيبة سكري أعالج كل السكريين و أجعل سكر دمهم طبيعيا كما تقول لي ماما كل يوم ، أريدهم أن يكونوا قادرين على أكل كل شيئ من غير أنسولين ، أنا أريد كل السكريين أن يصبحوا بدون سكر و تكمل سحر هذا حلمي أن لا تسمع أي طفلة هذه الجملة أبدا في الصباح: "خدي بالك من نفسك يا سحر و ما تنسيش تقيسي كمان ساعتين و بلاش يا حبيبتي بيبسي و شيبسي لأنهم مش بس حيرفعوا سكرك لكن هم كمان مؤذيين لكل الناس يا حبيبتي"!! سحر كانت سببا في أن تنزل دمعة ساخنة من عيني المفتش الطيب ، بل و كانت سببا في بدءه طريق ضبط سكره - نعم سحر طبيبة ، سحر ستكون طبيبة ، لن يحس بالسكريين إلا طبيبة مثل سحر.

Comments

Popular posts from this blog

أنا بأعمل إيه...

أنا بأعمل إيه!!؟؟ ناس كتير بتسألني بتضبط سكرك ازاي تحت ال 100 دايما .. اوك أقولكم بإختصار أنا بأعمل ايه: أنا ﻻ آكل أرز او خبز أو مكرونة أو بطاطس أو بقوليات او فاكهة او عصائر طبيعية ...

Robert Who Saved Me (A Tribute to Dr. Bernstein)

 My seat came next to him on my flight heading to Stuttgart, Germany to attend a business seminar. He was a German man, as I learned later, in his mid-forties half-bald with small circular glasses, which adds a tinge of virtual intelligence to his face. He looked disheveled, erratic, and fidgeting in an impatient and restless manner. I did not pay much attention to him. I was thinking deeply about the intruder who showed up aggressively into my life lately. What will I do with this silent killer that attacked me suddenly? Diabetes has introduced me to nearly a dozen doctors and a plethora of new medications. Basically, I was given ordinary mainstream medical advice. I discovered later that most of this advice did not help me to achieve normal blood sugar. I also figured out later that the dilapidated guidelines, I was preached about, caused fatal complications and severe suffering for many people with diabetes all over the world. Unfortunately, I could not control my diabetes at ...

الكوكرا يا شلام... دي شوكلاتة السمك

  إحدى ليالي صيف الأسكندرية الجميل في الثالثة و النصف صباحاً ، أجلس أنا الصبي ذو الأثنا عشرعاماً بجانب نافذة صالون بيت أبي رحمه الله على الشارع الرئيسي مرهفا السمع و منتظرا خالي الحبيب على أحر من الجمر لنبدأ معاً مغامرة جديدة من مغامراتنا التي لا تُنسى - بيب بيب بيب بيب كركر كركر كركر...صوت كلاكس و كركرة اعرفهما جيداً و أحبهما بل و أعشقهما ، صوت كلاكس و كركرة سيارة خالي الحبيب ، سيارته الفيات 125 البولندي البيضاء االتي كان يصفها لي بالعامية المصرية " ما يغركش شكلها كده يا حمادة ، دي عربيةعضمها ناشف!!". أسمع الكلاكس قبل أن تقترب السيارة من بيتنا بمئات الأمتار. انا كعادتي أيام الصيد خاصة مع خالي، لا أنام الليلة التي قبلها تشوقا للصيد وحبا في صحبتي مع أعز الناس (خالي صلاح) ، و بالطبع أكون جاهزا بعدتي (عدة الصيد) وفي حالة انتظار و لهفة وشوق لفجر يوم الصيد - صوت الكركرة يعلو ويصل خالي أمام بيتي وأنزل أنا جريا متلهفًا لتبدأ رحلتنا معاً ، هذه الرحلة التي تكررت طوال مرحلة صباي وشبابي وصقلت خبرتي في الحياة إبتداءا من سن إثنا عشر سنة إلى سن الشباب، أركب السيارة ثم مباشرة أ...