Skip to main content

الطريق الأقل إستخدامًا


من أجمل ما قرأت أبيات للشاعر روبرت فروست في قصيدته الرائعة الطريق غير المأهول و التي يقول في آخرها:
أنقسم الطريق في الغابة إلي طريقين.
و أخترت أنا الطريق الأقل إستخدامًا.
و هذا أدى إلي كل النجاح و الفرق الرائع في حياتي.
و الطريق الأقل إستخداماً هو الطريق الذي قد يبدو خطرا و مُبهمًا و غير مأهول لأنك لا تعلم ما فيه و لم تطرقه قط ، فتفضل الطريق المأهول الأكثر إستخداما و الذي تعرفه و تظل تستخدمه مرات و مرات مرجحاً عامل الأمان الوهمي و الذي من الممكن أن يكون موجودا في الطريق الأقل إستخداماً و لكنك لا تعرف لأنك لم تستخدمه قط ، و تظل تستخدم هذا الطريق الدارج المأهول المزدحم في كل نواحي حياتك، إلي أن تحين النهاية و تندم حينئذ ندما شديداً و تسأل نفسك: لماذا لم أستخدم الطريق الآخر الأقل إستخداما لماذا لم أكن مغامراً مقداماً لأحقق ما أريد لنفسي أو للغير و قد يكون ما تريد أن تحققه عوناً لك في الآخرة ، تسأل نفسك لقد أستخدمه فلان و فلان و فلان و هم قلة و يتمتعون الآن بما لا نتمتع به نحن أصحاب الطريق المأهول المزدحم و لكن القاعدة المنطقية تقول أنك إذا أردت أن تتمتع بما يتمتع به أصحاب الطريق الغير مأهول فأسلك طريقهم الآن.
التحكم في أي شيئ في الحياة ، هو إختيار فردي وشخصي تختاره أنت و بالتالي تتحمل عقباته و لكن عند الأختيار يجب أن تقرأ و تتعلم عن الطريق الذي تنوي إختياره ثم تختار - لا أن تتبع الرائج و المُتَّبع لمجرد أن كل الناس يفعلون ذلك. التحكم بسكرك كذلك هو قرار يجب أن تأخذه أنت ليس بناءً على ما يقوله طبيبك أو إخصائي التغذية فقط بل بناءا على ما تتعلمه و ستتعلمه و تقرأه و تجربه و تقيسه و بالتالي على ما ستكتسبه من مهارات نتيجةً لإختيارك للطريق الأقل إستخداما ألا و هو طريق الضبط الحقيقي للسكري و ليس طريق الضبط الدارج الذي ثبت أنه ما هو إلا طريق أكيد للمضاعفات.

لقد سلكت أنا الطريق الأقل إستخدامًا بعد سنين طويلة من إستخدامي للرائج و المُتبع و المعروف و الدارج سواءاً للسكريين أو لأطباء السكري و لم يفلح هذا في ضبط السكري على الإطلاق إلى أن وفقني الله في التعرف على شخص سلك الطريق الأقل إستخداماً و نجح فيه و برِعَ و نقل علمه للناس و هذا الشخص هو د. برنستين ، هذا المهندس الطبيب السكري الرائع الذي غَيَّرْ مفهوم الكثير من السكريين و الأطباء عن كيفية إدارة السكري و الأعتناء به و عن كيفية تجنب المضاعفات المستقبلية بل عَكْسَها أيضاً في الكثير من الأحيان و وقف تدهور الكثير منها. و الذي أكتشف أو على الأقل أعاد إكتشاف أن الكربوهيدرات بصفة عامة و الكربوهيدرات البسيطة بصفة خاصة أو كما يسميها هو الكربوهيدرات سريعة التأثير في مستويات السكر بالدم ، هي الطعام الذي يسبب أقصي و أسرع صعود في مستويات السكر في الدم و بالتالي مع الوقت و ضعف التحكم بالسكري تحدث المضاعفات المستقبلية السيئة. قصته طويلة تعرفونها ، تكلمت عنها كثيرا و موجودة على النت تستطيعون قراءتها في أي وقت.
يقول ستيفن كوفي صاحب الكتاب الرائع السبع عادات للأشخاص الأكثر تأثيرا و الذي وزع ما يزيد عن 30 مليون نسخة و ما زال يُباع "أن لكل منا في الحياة دائرتين يدور فيهما دائرة تأثير و دائرة إهتمام حياتية عامة و أن الشخص النشيط الإيجابي Proactive هو الذي يركز كل جهده في دائرة تأثيره – نعم دائرة تأثيره فقط". يقول ستيفن كوفي "أنك يجب أن تعرف ماذا يمكن أن تفعل لتغير حياتك إلي الأفضل و كيف تستطيع أن تفعل أشياءاً تؤثر بالإيجاب في حياتك و حياة الآخرين بدلا من أن تركز على الأشياء المقلقة و المثبطة للعزيمة و المضيعة للوقت كمشاهدة التلفزيون بدون إنقطاع و قلة القراءة و الأنترنت الأدماني أو الإعتقاد بصعوبة ضبط السكري للسكريين - إلخ أو الأشياء التي ليس لك تأثير فيها كالشكوي من إعاقة أو من الجو و المطر و الحر أو القلق من الحروب و الفيضانات و الزلازل - إلخ.
 كيف تعرف الفرق بين الدائرتين؟

دائرة التأثير (الطريق الغير مأهول) هي الدائرة التي إن عملت فيها بجد ستغير حياتك و حياة أشخاص حولك أي ستُحدث تأثيرا خاصا و عاما في حياتك و حياة الآخرين كأن تخرج مع أولادك أو تقرأ معهم و كأن تشكر الله على نعمه دومًا أو أن تضحك في وجه جارك أو أن تساعد محتاج أو أن تتعلم دائماً و تعلم غيرك أو أن تزرع شجرة أو تمارس رياضة أو تتأمل الجمال حولك – إلخ  و هذه الدائرة تجد فيها أشخاص إيجابيين مثل بيل جيتس - د. برنستين – ستيفن كوفي – ستيف جوبس Active People.

أما الدائرة الأهتمام الحياتية (الطريق المعروف المأهول) فهي التي تجذبك دومًا إليها لتُضيع وقتك و هي التي إن ركزت عليها فلن تؤدي بك إلي شيئ علي الإطلاق إلا ضياع الوقت و المال و الجهد. و هذه الدائره تجد فيها الأشخاص السلبيين المحبِطِين الذين دوما ينتظرون الفعل أن يحدث ليصدروا رد الفعل و الذين كل عملهم في الدنيا ندب الحظ و البكاء علي اللبن المسكوب Reactive people.

الأشخاص الذين يغيرون العالم و يغيرون مجتمعاتهم و يؤثرون في الناس هم الأشخاص الذين يقضون كل وقتهم في دائرة التأثير!!

أعطيك مثالا عن الدائرتين في مجال السكري:

دائرة تأثيرك في السكري ستكون في:
قياساتك المستمرة على الأقل 5 مرات يوميا – تحقيق أرقام سكر طبيعية – التعلم عن أنواع الطعام و تأثيرها في سكر الدم و من ثَم البعد عن كل الأطعمة التي ترفع سكر دمك – نقص الوزن – إتقان و فهم مهارات الأنسولين – ممارسة رياضة يومية – تدوين كل ما يحدث من طعام و قراءات سكر دم و رياضة – في فهم ما هي المضاعفات و كيف تحدث و طرق تجنبها و عكسها و وقف تدهورها نصح الغير إن فهمت كيف تتحكم بسكرك – قراءة كتاب أو أكثر عن السكري بصورة مستمرة – اللجوء للطبيب و لكن عدم أخذ كلام الطبيب أنه كلام مقدس بل أقرأ و أسأل و حاور و اجعل جهاز قياسك هو الحكم بينك و بين العلاج المُقترح.

أما دائرة إهتمامك الحياتية الغير مؤثرة في السكري ستكون في:
دعني آكل مثلما يأكل الناس – لن أحرم نفسي – 180 سكر دم مقبول – 7 تراكمي رائع – الجهل بآليات التحكم السكري – عدم فهم أي شيئ عن الأنسولين و مهارات إستخدامه – إستخدام الأدوية المنهكة للبنكرياس لسكريين النوع الثاني – حقن وحدات ثابتة من الأنسولين السريع لسكريين النوع الأول أو إستخدام الأنسولين المخلوط - الأستماع إلي المحبطين – الأستماع إلي الخرافات و الوصفات السحرية و ما أكثرهم– إستخدام كلمات دارجة كالببغاء تحمل معاني التواكل مثل خليها على الله - ما فيش فايدة - يا عمي هو إحنا حنعيش كم مرة - لازم يأكل زي إخواته - الدكتور قال كده - الكربوهيدرات لازمة للأنسان أصل حالة السكري النفسية أهم...إلخ
يقول ستيفن كوفي أن دائرة تأثيرك تقع داخل دائرة إهتمامك الحياتية ، لذا كلما ركزت علي دائرتك الحياتية و أهملت دائرة تأثيرك ضغطت الدائرة الحياتية علي دائرة تأثيرك فقلصتها و صغرتها مما يؤدي إلى أن تخرج الأمور من بين يديك.
و لو فعلت العكس بإنتظام ، أي ركزت علي دائرة تأثيرك فسيقل الضغط عليها من دائرة إهتماماتك الحياتية - بل هي التي ستضغط على الدائرة الحياتية و مع الوقت ستكبر دائرة تأثيرك و تحل محل دائرة اللا تأثير الحياتية.
ركز مع السكري و أفعل دوماً ما يحدث فرقا في ضبطك له و في كل ما يحقق لك أرقام رائعة و دع ما عدا ذلك للسكريين أصحاب الدوائر الحياتية اللانهائية يدورون فيها كما يشاؤون دون نتيجة!!

Comments

Popular posts from this blog

أنا بأعمل إيه...

أنا بأعمل إيه!!؟؟ ناس كتير بتسألني بتضبط سكرك ازاي تحت ال 100 دايما .. اوك أقولكم بإختصار أنا بأعمل ايه: أنا ﻻ آكل أرز او خبز أو مكرونة أو بطاطس أو بقوليات او فاكهة او عصائر طبيعية او غير طبيعية اﻻ نصف ثمرة فاكهة في بعض الايام .. أنا ﻻ أحس بأي أهمية للخبز و النشويات مطلقا اﻻ انها اطعمة ادمانية و رافعة لسكر الدم بجنون..  أنا آكل 30 جم كربس بوميا من الخضار و آكل حوالي 70 جم بروتين و دهون جيدة كثيرة و فقط عندما فعلت هذا ضبط كولسترولي جدا.. أنا آكل زبد و سمن و كريمة طبيعية. انا ﻻ استعمل  من الزيوت اﻻ زيت جوز الهند و زيت الزيتون و ﻻ استعمل الزيوت المهدرجة او الدهون المتحولة .. انا استخدم سكر طبيعي مثل الزيلتول و الاريثريتول  و الستيفيا. انا اصنع البدائل و زوجتي تتفنن في صنعها. بيتنا كله يأكل كربوهيدرات  قليلة ﻹيماننا بأن هذا هو اﻷكﻻ الصحي. أنا استخدمت الانسولين المخلوط لمدة سنة و كان من المستحيل ضبط السكر به.. فمنعته تماما و بدأت في استخدام السريع  مع  الاكل  و القاعدي مرتين يوميا.. أنا اعرف كل معامﻻتي جيدا.. معامل الكربس و اﻷنسولين المتبقي و معامل التصحيح.. انا امارس رياضة يوم

الكوكرا يا شلام... دي شوكلاتة السمك

  إحدى ليالي صيف الأسكندرية الجميل في الثالثة و النصف صباحاً ، أجلس أنا الصبي ذو الأثنا عشرعاماً بجانب نافذة صالون بيت أبي رحمه الله على الشارع الرئيسي مرهفا السمع و منتظرا خالي الحبيب على أحر من الجمر لنبدأ معاً مغامرة جديدة من مغامراتنا التي لا تُنسى - بيب بيب بيب بيب كركر كركر كركر...صوت كلاكس و كركرة اعرفهما جيداً و أحبهما بل و أعشقهما ، صوت كلاكس و كركرة سيارة خالي الحبيب ، سيارته الفيات 125 البولندي البيضاء االتي كان يصفها لي بالعامية المصرية " ما يغركش شكلها كده يا حمادة ، دي عربيةعضمها ناشف!!". أسمع الكلاكس قبل أن تقترب السيارة من بيتنا بمئات الأمتار. انا كعادتي أيام الصيد خاصة مع خالي، لا أنام الليلة التي قبلها تشوقا للصيد وحبا في صحبتي مع أعز الناس (خالي صلاح) ، و بالطبع أكون جاهزا بعدتي (عدة الصيد) وفي حالة انتظار و لهفة وشوق لفجر يوم الصيد - صوت الكركرة يعلو ويصل خالي أمام بيتي وأنزل أنا جريا متلهفًا لتبدأ رحلتنا معاً ، هذه الرحلة التي تكررت طوال مرحلة صباي وشبابي وصقلت خبرتي في الحياة إبتداءا من سن إثنا عشر سنة إلى سن الشباب، أركب السيارة ثم مباشرة أفتح

المؤشر الجلايسيمي و الحمل الجلايسيمي

المؤشر الجلايسيمي (م ج) و الحمل الجلايسيمي ح ج م ج: هو سرعة رفع طعام ما لسكر الدم مقارنة بالسكر الأبيض أو توست أبيض ح ج: هو أثر طعام ما في سرعة رفع سكر الدم معتمدا علي م ج و عدد جرامات الكربوهيدرات فيه يقول العلماء أن فكرة الحمل الجلايسيمي تقوم علي أن الكمية الصغيرة من الطعام العالي م ج   لها نفس تأثير الكمية الكبيرة من الطعام قليل م ج من حيث سرعة التحول إلي جلوكوز في الدم و يالتالي رفع سكر الدم فمثلا إذا كان طعام ما   م ج   له 100 و به 10 جم كربوهيدرات ، إذن   يكون ح ج 10 في حين لو أن هناك طعام آخر م ج 10 و به 100 جم كربوهيدرات فإن ح ج له يكون 10 أيضا أي أنك إذا أكلت طعام عالي المؤشر الجلايسيمي بكمية صغيرة سيكون الحمل الجلايسيمي للمأكول قليلا و إذا أكلت طعاما ما   م ج   له قليلاً و لكن بكمية كبيرة فسيكون ح ج   له عاليا ح ج 20 أو أكثر يُعد عاليا من 11 إلي 19 يُعد متوسطاً أقل من 10 يعد قليلاً   الفكرة الرئيسية تتلخص في أن هناك أطعمة عالية م ج و لكنها قليلة ح ج لأنها تؤكل بكميات بسيطة جدا مثل السكر مثلا أو الجزر و قد تكون هناك